مهندس حرب أكتوبر
في التاسع عشر من فبراير عام ألف وتسعمائة وأربعة وسبعين، وفي لحظة كان التاريخ يخط فيها أمجادًا، ووطنٌ يكرم أبناءه، حدث ما لا يمكن أن يصدقه عقل، ولا أن يتحمله قلب. فتح التلفاز، لا ليرى وجهه بين المكرمين، بل ليرى غيابه المدوّي، غياب من كان مهندس النصر، ورئيس أركان حرب أكتوبر، الفريق سعد الشاذلي. أي قسوة تلك التي تجعل بطلًا يُقصى عن مشهد تكريمه، وكأن التاريخ قد قرر أن يمحو اسمه من صفحاته المضيئة؟لم تكن تلك اللحظة هي الوحيدة التي عصفت بقلب الشاذلي، فلقد ذاق مرارة النفي والتشرد في الجزائر لسنوات طوال، وعانى من قسوة السجن عند عودته، وتجرع كأس التجاهل لأكثر من عقدين من الزمان، وكأن دوره البطولي في حرب أكتوبر لم يكن سوى سراب. لكنه، بمرارة لم يصفها إلا من عاشها، قال إن تلك اللحظة، لحظة رؤية رفاق دربه يتوجون بأكاليل المجد وهو يقف في الظل، كانت أقسى وأصعب لحظات حياته على الإطلاق. شريط حياته، بكل ما فيه من مجد وألم، مر أمامه كطيف حزين، يروي قصة بطلٍ لم ينل حقه من التكريم.من رحم قرية بسيطة في الغربية، وُلد طفلٌ حُمل اسم زعيم الأمة، سعد زغلول. لم يكن اسمهسعد الدين، كما يظن الكثيرون، بل سع...