جدلية الصراع والتمثيل الشعبي: ما الذي تعنيه انتخابات البرلمان اليوم؟
جدلية الصراع والتمثيل الشعبي: ما الذي تعنيه انتخابات البرلمان اليوم؟
مع انطلاق انتخابات مجلس النواب في مصر، يعود سؤال قديم إلى الواجهة: هل البرلمان مجرد إجراء روتيني لتحديد مقاعد سياسية؟ أم أنه مرآة حقيقية تعكس شكل الوعي الجماعي في لحظته التاريخية؟ فالانتخاب ليس اختيار اسم داخل صندوق فحسب، بل هو اختيار تصور كامل عن شكل المجتمع الذي نريده.
التمثيل السياسي ليس حدثًا، بل صورة للذات
عندما يذهب الناس إلى صناديق الاقتراع، فإنهم لا يختارون أشخاصًا فقط، بل يختارون من يمثل معنى الجماعة. هل المجتمع يبحث عن الاستقرار؟ أم عن التجديد؟ أم عن توازن بينهما؟ هذه الأسئلة تظهر في شكل التصويت، حتى لو لم تُعبّر عنها الكلمات.
الوعي الجماعي بين الإدراك والمصلحة
في لحظات الانتخابات، يواجه المجتمع نفسه: هل نريد من يشبهنا؟ أم من يسبقنا بخطوة؟ هل نريد صوتًا يطمئن مخاوفنا؟ أم صوتًا يفتح بابًا نحو أفق جديد؟
الاختيار هنا ليس سياسيًا فقط، بل وجودي: كيف نرى أنفسنا؟
الانتخابات كمسار جدلي (ديالكتيكي)
يتحرك المجتمع دائمًا داخل ثلاثية:
- أطروحة: وضع قائم يحقق قدرًا من الاستقرار.
- نقيض: مطالب وتوترات تظهر داخله.
- تركيب: شكل جديد يوازن بين الاستقرار والتجديد.
الانتخابات ليست صراع "فائز وخاسر"، بل هي محاولة لإنتاج تركيب جديد يستطيع المجتمع العيش داخله دون أن يفقد قدرته على التطور.
من يمثل من؟
الممثل الحقيقي ليس الأكثر صخبًا أو حضورًا إعلاميًا. إنما هو من يفهم طبيعة الصراع داخل دائرته:
- ما الذي يخيف الناس؟
- ما الذي يمنحهم الشعور بالأمان؟
- ما الذي يعتبرونه خسارة لا تُحتمل؟
- ما الذي يحلمون بتحقيقه؟
الممثل ليس "لسانًا فقط"، بل أذن تسمع قبل أن تتكلم.
السياسة ليست حربًا
الاختلاف لا يعني العداء. والديمقراطية لا تلغي الصراع، بل تمنحه شكلًا حضاريًا يسمح للجميع بأن يعيش. البرلمان في جوهره ليس ساحة لإسقاط الخصوم، بل مختبر لإنتاج حلول.
ماذا نختار اليوم؟
نحن لا نختار أسماء على أوراق. نحن نختار الوعي الذي سيقود المرحلة القادمة:
- استقرار بلا جمود؟
- تجديد بلا فوضى؟
- توازن بين الخبرة والطموح؟
خاتمة
الانتخابات ليست يومًا في التقويم، بل لحظة ينظر فيها المجتمع إلى المرآة. ليس المهم فقط من يفوز، بل أي وعي يقف خلف الفوز. فكل مجتمع ينمو بالصراع، ولكن الصراع الذي يتحول إلى حكمة، لا إلى انقسام.
✍️ بقلم: أحمد البدوي – منصة الفكر
تعليقات
إرسال تعليق